العقيدة اليهودية في المسجد الأقصى


اعتقاد اليهود بأن أرض فلسطين هي من حقهم، يعود ذلك لسببين: سبب عقائدي، وسبب علماني.
الجانب العقائدي:
يؤمن اليهود أن أرض فلسطين هي حق لهم، بناء على وعد رباني، فيؤمنون بأن الله أمر إبراهيم بالاتجاه نحو الأراضي الواقعة بين النهر الكبير الفرات ونهر النيل، وخاصة أرض فلسطين ليسكن فيها هو ونسله فحسب سفر التكوين 13: 14 "وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ "إبراهيم"، بَعْدَ اعْتِزَالِ لُوطٍ عَنْهُ: "ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالًا وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا* أَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ".
ويؤمنون بأن الله قد وعد موسى ونسله أيضا بالمنطقة الواقعة بين نهر الفرات ونهر النيل في مصر، ليأخذوها من اليبوسيين، والأموريين، والكنعانيين، وغيرهم، وذُكر ذلك في سفر التثنية 1:7 فقال الله لموسى "مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوبًا كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الْحِثِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ،"، وتم تحديد أماكن سكنهم في سفر يشوع 3:11: "الْكَنْعَانِيِّينَ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ فِي الْجَبَلِ، وَالْحِوِّيِّينَ تَحْتَ حَرْمُونَ فِي أَرْضِ الْمِصْفَاةِ"، وعند الحديث عن الكنعانيين واليبوسيين وغيرهم، فهم قبائل عربية الأصل، ونرى كيف أن كتبهم المقدسة حتى يومنا هذا تؤكد على أحقية العرب بالأرض، وأن العرب هم السكان الأصليون للمنطقة.
ويؤمنون أيضا أن سليمان هو من قد بنى لهم الهيكل "بيت الرب" على هضبة موريا، مكان المسجد الأقصى، ورغم إيمانهم أن سليمان كان ملك كافر إلا أنهم يُطالبون بهيكله المزعوم، بينما في العقيدة الإسلامية النبي سليمان ﷺ المطهر المعصوم عن الخطأ، قد بنى المسجد الأقصى، بعد أن وضع أساسه النبي آدم ﷺ، فالمسلمون الذين يرون سليمان نبي مطهر أولى به من ما يعده ملك كافر هو ووالده النبي داود. وعلى الرغم من أن هناك طوائف يهودية ومنها السامرية، تؤمن بأن جبل جرزيم في نابلس هو مقر اليهود، إلا أن هناك طوائف أخرى تؤمن بأن الهيكل يجب أن يُعاد بنائه على هضبة موريا؛ أي مكان المسجد الأقصى الحالي، لأنه كان في الأصل هناك، ورغم كل محاولات الباحثين اليهود والمسيحيين خلال سنوات، للبحث عن أي آثار للهيكل تحت المسجد الأقصى، إلا أنهم لم يجدوا أي أثر للهيكل.
يؤمنون أيضا أن إبراهيم لديه إسحاق من زوجته سارة، وإسماعيل من زوجته هاجر، وأن ابنه الأفضل هو إسحاق، لأن من نسله جاء يعقوب ﷺ، ونسل بني إسرائيل، أما إسماعيل فسكن في مكة، ويعتقدون أن نسل العرب جاء منه، لذلك يرون أن نسل إسحاق هو أعظم وأفضل نسل في العالم، ويخرجون العرب وباقي الشعوب من شعوب الله، وأن العرب وباقي الناس وجدوا لخدمتهم فقط.
وحتى يجعلوا الناس يعتقدون أنهم هم شعب الله المقدس، فقالوا أن الله لم يعترف بهاجر التي ولدت إسماعيل، واعترف بسارة أم إسحاق، لأن الله حل في رحم سارة، فيعتبرون أنفسهم أبناء الله. ولذلك الآن اليهود، لا يعتبرون الشخص يهوديا إلا إذا كانت أمه يهودية، فهو ولد من رحم مقدس، فيه من وحي الرب، أما الباقي فهم غير مقدسين، بل خدم لليهود، بل حتى لو كان أبو الشخص يهوديا، وأمه ليست يهودية، أو أنه اعتنق اليهودية، فهو ليس يهوديا أصيلا، فالأم اليهودية هي من تحدد دين الفرد، وليس والده، أو اعتناقه الدين.
حسب الرواية اليهودية يؤمنون بأن الرب امتحن إبراهيم وطلب منه أن يصعد إلى أرض موريا "مكان البيت المقدس" مع ابنه الأفضل والأحسن إسحاق -كما يدعون- ليقدمه للرب كأضحية استجابة لأمر الله، ففي سفر التكوين 2:22 "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ"، لكن الله شفق على إسحاق، وأرسل له كبش، في سفر التكوين 12:22 "لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي* فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ" مع أن في موضع آخر في الكتاب المقدس يعترفون أن لإبراهيم ابن ثاني اسمه إسماعيل، إلا أن هذا الموضع يقول "ابنك الوحيد"، فهذا تناقض واضح!
3ويؤمنون أن الله طلب من إبراهيم أن يفتدي بابنه إسحاق، وليس إسماعيل كما ذكر في القرآن، في سورة الصافات: "رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ* فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ* فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ* فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ* وَنَٰدَيۡنَٰهُ أَن يَٰٓإِبۡرَٰهِيمُ* قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ* إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَٰٓؤُاْ ٱلۡمُبِينُ* وَفَدَيۡنَٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِيمٖ* وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ* سَلَٰمٌ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ* كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ* إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِينَ* وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ* وَبَٰرَكۡنَا عَلَيۡهِ وَعَلَىٰٓ إِسۡحَٰقَۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحۡسِنٞ وَظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ مُبِينٞ"، فبعد أن انتهى إبراهيم ﷺ من قصة الذبح، بشّره الله بإسحاق، أي أن من افتدى به كان إسماعيل.
رغم ادعائهم أن داود وسليمان ليسا أنبياء، بل فقط ملوك بالنسبة لهم، بل وبعضهم يصفهُم بالفسوق والكفر، ورغم كل ذلك يطالبون بورثتهم، من الهيكل المزعوم، لنجمة داود، وغيرها من ادعاءات باطلة، التي حرص الباحثون على مر العصور بإثبات وجود أي آثار للهيكل، لكنهم أُصيبوا بخيبة أمل كبيرة، فلم يجدوا أي آثار لذلك، إلا في كُتبهم المقدسة المُحرّفة، والمضافة عليها باعترافهم. فهم احتلوا فلسطين، وطردوا شعبها، ويعملون على احتلال كل ما بين النهريين، من أجل نصوص موجودة في كتبهم المقدسة المحرّفة، لا لأي سبب علمي، أو تاريخي، أو جغرافي، بل لسبب ديني مُحرّف فقط!
الجانب العلماني:
الترويج لفكرة أن من حق اليهود أن يكون لهم أرض تجمعهم جميعا من شتات الأرض ضمن أرض واحدة "فلسطين"، ولغة واحدة "العبرية"، ودين واحد "اليهودية"، وكتاب واحد "الكتاب المقدس اليهودي"، وعادات وتقاليد واحدة، وأعياد واحتفالات موحدة.
لأن في العقيدة اليهودية يعتبرون أن الشتات في الأرض أمر تكلفي إلهي، وأنهم بحاجة لمعجزة اجتماعية من الله، تطلب منهم العودة للأرض المقدسة، مثل حادثة موسى ﷺ، لذلك بعض اليهود المتصهينيين، يقنعونهم بأن "الحركة الصهيونية"، هي الإشارة من الرب، للرجوع للأرض المقدسة، إلا أن اليهود الملتزمين، مازالوا يعتبر أنهم في الشتات حتى لو كانوا يسكنون تحت الحكم الإسرائيلي، لذلك خرجت حركة اسمها الحركة الصهيونية الدينية، والقصد منها هو الربط بين اليهودية والفكرة الصهيوني، من خلال الإحلال الديني.
هذه الفكرة التي روّج لها الفكر الصهيوني العلماني، الذي جيّش يهود العالم لخدمة هذه الفكرة، التي بدأت مع نهاية قرن الـ 17 ميلادي، وبعدها قاموا بإقناع اليهود من كل العالم بالهجرة إلى فلسطين، وكانت أول مستوطنة يهودية في فلسطين في سنة 1882، مستوطنة زراعية، وبعدها بدأت الأعداد تزداد، بالتزامن مع السيطرة على المال والإعلام، والمفاسد في كل العالم، وخاصة في أمريكا، وبعض الدول العربية، ومحاولتهم اتباع أساليب متنوعة مع ملوك العالم من الترهيب والترغيب، ومن تقديم الإغراءات لحُكام الغرب والشرق، وخاصة الإمبراطورية العُثمانية، لتسخير قوى العالم لصالحهم. وكان اختيار موقع فلسطين متعمدا، فمن ناحية دينية تحدثنا عنه مسبقا، أما من ناحية علمانية رأسمالية، فهو لتفتيت المناطق التابعة للدولة العثمانية، وإضعافها، ليسهُل بعدها السيطرة على المنطقة، إضافة إلى توفير أسواق واسعة لتصدير بضائعهم في الشرق الأوسط، وغيرها من المناطق في العالم.
وعلى إثر ذلك أُقيم مؤتمر بازال، وبعدها بدأت المؤتمرات الصهيونية الماسنوية تتوسع، ويزداد أعداد المنتسبين لها، حتى استطاعوا السيطرة لوقت طويل على الاقتصاد، والإعلام، والطعام، والبنوك في العالم، وتجيش الأفراد من ممثلين، ومغنيين، وسياسيين، وأصحاب الأموال والنفوذ حول العالم، لنشر الفساد والرذيلة في العالم، فهم الآن موجودين في كل مكان ينتشر فيه الرذيلة والفساد، وهذا تم إثباته في القرآن، أنهم يُعيثون الفساد أينما حلّو، فقال الله في سورة المائدة
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"
فهم بإفساد الناس، يستعبدونهم، ويسيطرون على شهواتهم، ورغباتهم، واقتصادهم، وسياساتهم، فيصبح الناس سلعة بأيديهم.
