قصة البقرات الحُمر


يؤمن اليهود وبعض المسيحيين أن الهيكل يجب أن يُبنى حتى يظهر المخلص "المسيح"، فلن تقوم القيامة، إلا بذلك، وشرط قيام هذا البناء "الهيكل" هو ظهور البقرة الحمراء، التي لم تُستخدم لأي أعمال خدمة مطلقا، ولم يُضع في رقبتها حبل، ورُبيت في "أرض إسرائيل"، وهي ذات الشعر الأحمر الخالص، دون وجود أي لون آخر سوى اللون الأحمر، ومع أن كثير من العلماء أثبتوا استحالة وجود هذا النوع من البقر حاليا، إلا أنهم في أواخر سنة 2022 أحضروا 5 بقرات من تكساس جميعهم باللون الأحمر الخالص، ووضعوهم في الأغوار قرب بيسان، لذلك يشك كثير من العلماء بأن هذه البقرات ربما تم التلاعب بجيناتها، لجعل جميع شعرها أحمر.
وعندما تبلغ البقرة العامين على أرض إسرائيل، سيتم حرقها فوق جبل الزيتون في القدس، مقابل المسجد الأقصى، ونشر رمادها على بِركة عين سلوان، فيتطهّر اليهود منها، ليتخلصوا من الذنوب والنجاسة، لأنهم يؤمنون أن جميع اليهود أنجاس، لكن نجاسة مقدسة؛ أي أن كل شخص يهودي روحه معلّق بشخص ميت، فعندما يموت ابنه، أو أخوه، أو ابوه، أو أي شخص له علاقه به، فتصبح روحه نجسة، لارتباطها بشخص ميت، لذلك هم بحاجة للطهارة المقدسة، حتى يستطيعوا دخول الأرض المقدسة، وهو ما يسمونه بـ"الصعود إلى جبل المعبد"، وبناء الهيكل المزعوم. وذُكر ذلك في سفر العدد 2:19 "هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ قَائِلًا: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا إِلَيْكَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ صَحِيحَةً لاَ عَيْبَ فِيهَا، وَلَمْ يَعْلُ عَلَيْهَا نِيرٌ".
وبعد ذلك يدخل الكاهن من "باب الكاهن"؛ أي باب الرحمة عند المسلمين، لذلك يريدون هدم المقبرة التي تقع خلف باب الرحمة، لأنها تمنع عملية العبور، وهذا ما تنبأ به المؤرخ اليهودي الشهير موسى بن ميمون، طبيب صلاح الدين الأيوبي، وهو الرجل الثاني الذي يُقدّسه اليهود، فيقولون أن هناك موسى النبي، وموسى بن ميمون، المقدسين. لذلك عمل صلاح الدين الأيوبي على إغلاق باب الرحمه، وكُتب على بابه الأية الكريمة من سورة الحديد: "يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ" وباطنه فيه الرحمة، أي المسجد الأقصى.
فدون حرق البقرات تبقى شريعة الدخول مُحرمة، لذلك لم يتمكن تيار الصهيونية الدينية الذي يُمثل أقصى اليمين المتطرف في إسرائيل في أحسن وأقوى أحواله من جمع أكثر من 2200 مستوطن متطرف في يوم واحد في اقتحام للمسجد الأقصى المبارك، بسبب فتوى تحريم الدخول قبل التطهير. فحضور البقرات الحمر إلى فلسطين هذا نذير بهدم المسجد الأقصى، لذلك قامت غزة بطوفان الأقصى، لمنعهم من هذه المحاولات، وحماية المسجد الأقصى من الهدم.
اللافت في هذا الموضوع ليس الأسطورة نفسها، وإنما مدى تأثير الأسطورة على حكومات الاحتلال وطريقة تعاملهم معها. فالحكومات الإسرائيلية اليسارية واليمينية على حد سواء دائما ما كانت تتباهى بعلمانيتها والنأي بنفسها نظريا عن التيار الديني المتشدد، في دولة يتقاسمها تياران كبيران: [1]
- متدين يرى الشريعة اليهودية حاكمة على المجتمع وأحكامه.
- علماني يرى نفسه جزءا من أوروبا العلمانية، ولا يرى في اليهودية أكثر من قومية تجمع الشعب، ولا تحكمه بأحكامها الدينية بالضرورة.
[1] د. عبد الله معروف - البقرة الحمراء وحمى الإشارات الإلهية - https://bit.ly/3SoegTF
