صفات بني إسرائيل في القرآن
عقيدة


صفات بني إسرائيل في القرآن
صفاتهم - نقاط قوتهم وضعفهم - خاتمتهم صفات بني إسرائيل من القرآن الكريم:-
الغيرة والحسد:
في سورة يوسف، قال الله: "اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ" إذا قتلنا أخونا لا يبقى أحد أمام أبينا إلا نحن فيحبنا أكثر، فلم يفكروا بتحسين أنفسهم، بل فكروا بقتل أخيهم.
لذلك الآن يتحكمون بالاقتصاد ويحاولون أن يتحكموا بالعالم حتى لو بالقتل أو بجميع أشكال الفساد، لكن المهم أن يُحبهم الناس ويكسبون تأييدهم، فالألمان اليوم يكرهونهم، ومع ذلك يدعمونهم، حيث قال الله في سورة يوسف: "إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" فالنبي يعقوب ﷺ هو أدرى الناس بأبنائه وبأنهم من شدة الغيرة والحسد، سيكيدوا المكائد لأخيهم. وهذا ما حدث بالفعل.
والخيّر من بني إسرائيل أيضا سيء، فقال الله في سورة يوسف: "قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ". والمسلمون دائما ما يحسنون لليهود، واليهود يُظهرون للمسلمين كم هم متمسكين بدينهم مثلهم، إلا أنهم يعانون من الحزن والغم، والحقد والحسد على الألفة التي بين المسلمين.
وهذا ما ذكره الله في سورة آل عمران: "هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ".
وقد ذكر الله في سورة البقرة: "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ"، وفي سورة آل عمران، قال الله مخاطبا المسلمين: "إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا". لذلك لا يخدع المسلمين وقوف بعض الطوائف اليهودية مع المسلمين، فهم يُظهرون ذلك لمصلحة ما، إلا أنه في الحقيقة في داخلهم يُريدون أن يقضوا على المسلمين، وتكون الغلبة لهم فقط.
- نقْض المواثيق والعهود:
فقد ذكر الله في سورة البقرة: "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ"، وفي سورة المائدة، أضافة لنقض العهود، أيضًا صفة قسوة القلب عليهم، "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً".
- أكْل الرِّبا ومال الحرام:
في سورة النساء، قال الله في وصف اليهود: "وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ"، وفي سورة المائدة، وصفهم الله بأنهم يأكلون السحت؛ أي أكل مال الرشوة في القضاء: "وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
- إظهار المسكنة:
في سورة يوسف، قال الله: بعدما تخلّصوا من أخيهم، جاءوا أباهم: "وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ" لإظهار مسكنتهم وضعفهم.
- يهينون الأنبياء حتى لو كان أبوهم:
ومع أنّ أباهم النبي "يعقوب" ومع ذلك وصفوا أباهم في سورة يوسف بأنه "إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ".
- قلب الحقائق:
قال الله في سورة يوسف: "قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ" دليل على قلب الحقائق، والافتراء، وهذا ما يحدث اليوم.
- قتلة الأنبياء:
في سورة المائدة، يقول الله:"لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ"، وفي سورة البقرة يقول الله: "أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ". فقد قتل بني إسرائيل أكثر من 60 نبيا.
- عنادهم وكِبرهم وحبهم للجدال:
في سورة البقرة، قال الله: "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ* قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ* قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ* قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ* قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ".
وفي سورة آل عمران، يقول الله في وصف بني إسرائيل: "الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ". وفي سورة المائدة، يقول الله: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا". عنادا وكبرا على الناس وعلى رب الناس.
- القتال من وراء جُدر من الخوف:
في سورة الحشر"لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ"، فما زالت إسرائيل تحتمي بالجدار العازل، بين المستوطنات، وهذا ما ذُكر في القرآن، فطول عمرهم يخافون المواجهة، ويختبئون خلف جُدر.
- حب الحياة:
في سورة البقرة "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ" فـبِغَضَّ النظر عن الوسيلة المهم أن لا يموتوا، فيعيشون حياة غنية، أو حياة فقيرة لا مشكلة، المهم أن لا يموتوا، فالحرص على الحياة، يُعد نقطة ضعفهم، لذلك معادلة الحرب معهم، لا تتعلق بالقوة المادية، بل بالقوة الإيمانية، وعدم التعلق بالدنيا.
ولهذا السبب لا يوجد إسرائيلي على مر التاريخ يرتبط اسمه بالخير أو بسيرة طيبة، كلهم رُبطت أسمائهم بالدم، والقتل، والنفاق، والكذب، تحقيقا لرغباتهم، فالغاية تبرر الوسيلة عندهم.
- تحريف التوراة:
في سورة البقرة، يقول الله: "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"، وقال الله في سورة النساء: "مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ".
- التدمير قبل التسليم:
في سورة الحشر: "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" والآية تحدثت عن يهود بني النضير، وهذا ما حدث أيضا في 2005 عندما سلّمت إسرائيل غزة لسكانها مدمرة، وهذا ما يطالبون به الآن أن يدمروا غزة قبل إنهاء الحرب.
وإذا لاحظنا تفاصيل الآية لوجدناها تتحدث عن العالم الحالي، فهم يظنون أن لديهم من الجدران والقوى التي تمنع المقاومة من اختراقها، ولكن المقاومة اخترقتها، وأُتوا من حيث لم يحتسبوا ولم يتوقعوا لا الوقت ولا المكان. وقُذِف الرُعب والخوف في قلوبهم جميعا من رؤساء وشعوب، وازداد الفراق والنزاع بينهم، وبدأوا بتسطير نهايتهم.
- الشرك:
فبعد ما أنقذهم الله من ظُلم فرعون، وفتح لهم البحر حتى يسلكوا الطريق لسيناء، ورؤيتهم لكثير من المعجزات، إلا أنهم وهم في طريقهم في سيناء، طلبوا من موسى أن يصنع لهم آلهة يعبدونها، في سورة الأعراف، قال الله: "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ". فكيف لموسى أن يحتمل كل هذا الإنكار والضلال.
وفي سورة التوبة قد أشركوا بالله، بعد أن أرسل الله لهم الكثير من الأنبياء والرسل، فقال الله: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ".
نقطة ضعف بني إسرائيل، ونقطة قوتهم:
نقطة الضعف: الذلة
نقطة القوة: المسكنة
قال الله في سورة آل عمران: "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ".فهم في الأصل في حالة ذلة، ولكن هذه الذلة لا تُرفع عنهم إلا في حالة الاستعانة بالغير؛ أي الاستعانة بقوى خارجية، فقوتهم لا تنبع من داخلهم.
وهذا ما يحدث الآن فهم يستعينون بالأمريكان، والألمان، والفرنسين، والغرب، والشرق لدعمهم. المسكنة هي نقط قوة عند بني إسرائيلي، "تمسكن لتتمكن"، لذلك إلى الآن يتمسكنون أمام الإعلام، ويستعطفون الناس، مثلما حصل ويحصل، فيتهمون حماس بأنها ضربت مستشفى الأهلي المعمداني، وأن حماس قطعت رؤوس أطفالهم، وغيره الكثير، لكن لم يكن غريبا عليهم، فمن طبعهم قلب الحقائق والتمسكن.
فكما نرى أن قصص بني إسرائيل هي أكثر القصَص ورودًا في القرآن الكريم، فبعضها تم ذكره في السور المكية، لتثبيت القلة المسلمة، وردعهم عن عاقبة أفعال بني إسرائيل من قتل الأنبياء وتكذيبهم، وبعضها تم ذكره في السور المدنية، لكشف حقيقتهم للمسلمين، وخداعهم، وتحذير المسلمين منهم، وتحذيرهم من الوقوع بما وقع به اليهود من قبلهم، لكن كل الآيات لا تختلف حول انحراف بني إسرائيل عبر التاريخ.
خاتمة بني إسرائيل:
في سورة الإسراء:
الإفساد الأول، والثاني مرفقين بالعلو"وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا"، ومن الممكن أن يكون هناك إفساد ثالث، ورابع، لكن في كل مرة لن يستمر فسادهم. كيف يتحقق نصر المسلمين؟
إذا رجعت إسرائيل ذليلة ووجهها أسود أمام الناس جميعًا، ففي سورة الإسراء "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" وكيف تسوء وجوههم؟
بقطع علاقة الناس معهم، وتعاطف الناس معهم، وهذا ما يحدث الآن في كثير من دول العالم، فلم تعد كثير من الدول والشعوب تصدق أو تتعاطف مع إسرائيل، بل العكس بدأت حركات يهودية، ومسيحية، ومسلمة، ومن مِللٍ أخرى تُدين ما تقوم به إسرائيل من جرائم وفساد، وهذا أكثر ما يُرعب الإسرائيليون الآن.
نقاط قوة المحررين:
في سورة الإسراء: "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا".
- الشرط الاول:
"عبادًا لنا" فكل من يحاول تحرير فلسطين ولم تكن غايته الله؛ أي أنه وطني فقط، أوحزبي، أو للحصول على الشهرة والشعبية أو غيرها، لن ينتصر، دون نصر الله، فشرط المحررين أنهم عباد الله.
- الشرط الثاني:
"بأسٍ شديد"؛ أي أهل قوة، وجاءت نكرة كلمة القوة، رمز لكل أنواع القوى المعنوية، والجسدية، والمالية، والعلمية، وغيرها، وكلٌ في مجاله، فقال الله في سورة البقرة "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ" فلا يُكلفك الله بمهمة إلا وأنه يعرف أنك تستطيع فعلها، وكل شخص يُجزى على مقدار فعله، فمقدار ما تقدم تنال.
فلن يمدّك الله بالعون، والنصر، والتغيير للأفضل إن لم تبادر أنت، وهذه قاعدة أساسية في الدين الإسلامي"المباردة" فقال الله في سورة محمد: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقَدَامَكُمْ"، وفي سورة البقرة: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ"، وفي سورة الرعد: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"، فالله مع المحررين، عندما يبذلوا كل ما أوتوا من قوة.
- الشرط الثالث:
"حُب بيت المقدس"، وهذا اُستنبط من الحديث الشريف "وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ[1] مِنَ الأَرْضِ، حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، أي من شدة محبة المرء لبيت المقدس، فلو كان له أرض صغيرة جدا بمساحة حبل الفرس، ليرى من خلالها بيت المقدس، خير له من الدنيا وما فيها.
من هذا كله نعلم أن طائفة أهل الحق، ينتظرها مسؤوليات جسام، وخطب جلل، والأعداء أكثر من الأصدقاء، لكن الله قد وعد بالنصر على بني إسرائيل في أكثر من موضوع، ففي سورة آل عمران، قال الله: "لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ".
فمن كان مع الله فمن عليه؟! ومن كان الله عليه فمن معه؟! هذه قاعدة المسلم للنصر، فالخيارات أمام المحررين إما الشهادة، أو النصر، أو قيام يوم القيامة، لا خيارات أخرى. وكونك مسلم يتطلب منك القيام بمهام تليق بهذا الدين العظيم، فلا يمكن للمسلم أن يكون كغيره، مُنكب على الحياة الدنيا، مهمشا الآخرة، بين الأكل، والشرب، والنوم، والزواج، والتناسل، وغيرها من أمور يشترك بها مع الحيوانات ومع جميع الكائنات الحية الأخرى، فأين التكريم؟! التكريم الذي كرّم الله به الإنسان.
فالإسلام يهدي الإنسان لحياة طيبة، مُنظّمة، ويحقق له العدل، ويعالج له كل احتياجاته الإنسانية، المادية والمعنوية، فلابد في المقابل أن يُقدّم المسلم لهذا الدين ما يستحقه، ويحميه من الإعتداء.
بقلم:
د. نذير الصالحي
أ. لبنى معوض
[1] شطن الفرس: حبل الفرس
